(أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام) للإنكار وهو استئناف خوطب به المشركون التفاتاً عن الغيبة في قوله: (ما كان للمشركين أن يعمروا).
والسقاية والعمارة مصدران كالسعاية والحماية لا يتصور تشبيههما بالأعيان والجثث فلا بد من إضمار تقديره أجعلتم أهل سقاية الحاج أو أجعلتم سقاية الحاج كإيمان من آمن، ويؤيد الأول قراءة من قرأ سقاة الحاج وعمرة المسجد جمع ساق وعامر وفيها تشبيه ذات بذات كما في الوجه الأول، وعلى هذا لا يحتاج إلى تقدير المحذوف.
(كمن) أي كإيمان أو كعمل من (آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله) حتى يتفق الموضوع والمحمول (لا يستوون عند الله) المعنى أن الله أنكر عليهم التسوية بين ما كان تعمله الجاهلية من الأعمال التي صورتها صورة الخير وإن لم ينتفعوا بها، وبين إيمان المؤمنين وجهادهم في سبيل الله.
وقد كان المشركون يفتخرون بالسقاية والعمارة ويفضلونهما على عمل المسلمين فأنكر الله عليهم ذلك، فصرح سبحانه بالمفاضلة بين الفريقين وتفاوتهم وعدم استوائهم أي لا تساوي تلك الطائفة الكافرة الساقية للحجيح العامرة للمسجد الحرام، وهذه الطائفة المؤمنة بالله واليوم الآخر المجاهدة في سبيله.
ودل سبحانه بنفي الاستواء على نفي الفضيلة التي يدعيها المشركون