(إن في ذلك لذكرى) أي فيما ذكر من قصتهم في هذه السورة من أولها إلى آخرها تذكرة وموعظة (لمن كان له قلب) أي عقل، قال الفراء: وهذا جائز في العربية تقول مالك قلب. وما قلبك معك أي مالك عقل وما عقلك معك، وقيل: المراد القلب نفسه، لأنه إذا كان سليماً أدرك الحقائق وتفكر كما ينبغي، وقيل لمن كان له حياة ونفس مميزة فعبر عن ذلك بالقلب، لأنه وطنها ومعدن حياتها (أو ألقى السمع) أي استمع ما يقال له من الوعظ وغيره يقال: ألق سمعك إليّ أي استمع مني، والمعنى: أنه ألقى السمع إلى ما يتلى عليه من الوحي الحاكي لما جرى على تلك الأمم.
قرأ الجمهور ألقى مبنياً للفاعل، وقرىء على البناء للمفعول ورفع السمع وأو مانعة الخلو، لا مانعة الجمع، فإن إلقاء السمع لا يجدي بدون سلامة القلب كما يلوح به قوله (وهو شهيد) أي حاضر الفهم أو حاضر القلب لأن من لا يفهم، في حكم الغائب وإن حضر بجسمه فهو لم يحضر بفهمه، قال الزجاج: أي وقلبه حاضر فيما يسمع؛ قال سفيان: أي لا يكون حاضراً وقلبه غائب قال مجاهد وقتادة: هذه الآية في أهل الكتاب، وكذا قال الحسن، وقال محمد بن كعب وأبو صالح: إنها في أهل القرآن خاصة.