(قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً) إلى طريق أخرى غير ما تقدم في إثبات النبوة وتقرير ذلك ما حاصله أنكم تحكمون بتحليل البعض وتحريم البعض، فإن كان بمجرد التشهي والهوى فهو مهجور باتفاق العقلاء مسلمهم وكافرهم، وإن كان لاعتقادكم أنه حكم الله فيكم وفيما رزقكم فلا تعرفون ذلك إلا بطريق موصلة إلى الله ولا طريق يتبين بها الحلال من الحرام إلا من جهة الرسل الذين أرسلهم الله إلى عباده.
والمعنى أخبروني الذي أنزل الله إليكم من رزق أي زرع وضرع وغيرهما فجعلتم بعضه حراماً كالبحيرة والسائبة وبعضه حلالاً كالميتة وذلك كما كانوا يفعلونه في الأنعام والحرث حسبما سبق حكاية ذلك عنهم في سورة الأنعام من الكتاب العزيز، وقيل ما استفهامية، وإليه ذهب الحوفي والزمخشري والظاهر أنها موصولة كما تقدم لأن فيه إبقاء أرأيت على بابها، ومعنى إنزال الرزق كون المطر ينزل من جهة العلو.