للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)

(ومن يشاقق الرسول) المشاقة المعاداة والمخالفة (من بعد ما تبيّن) أي وضح وظهر (له الهدى) بأن يعلم صحة الرسالة بالبراهين الدالة على ذلك ثم يفعل المشاقة (ويتبع غير سبيل المؤمنين) أي غير طريقهم وهو ما هم عليه من دين الإسلام والتمسك بأحكامه في الاعتقاد والعمل والقول (نوّله ما تولّى) أي نجعله والياً لما تولاه واختاره من الضلال بأن نخلي بينه وبينه في الدنيا ونتركه وما اختاره لنفسه.

(ونصله) أي نلزمه وندخله في الآخرة، وأصله من الصلّى وهو لزوم النار وقت الاستدفاء (جهنم وساءت مصيراً) مرجعاً هي، وقد استدل جماعة من أهل العلم بهذه الآية على حجية الإجماع لقوله (ويتبع غير سبيل المؤمين).

ولا حجة في ذلك عندي لأن المراد بغير سبيل المؤمنين هنا هو الخروج من دين الإسلام إلى غيره كما يفيده اللفظ ويشهد به السبب، فلا يصدق على عالم من علماء هذه الملة الإسلامية اجتهد في بعض مسائل الدين فأداه اجتهاده إلى مخالفة من بعصره من المجتهدين، فإنه إنما رام السلوك في سبيل المؤمنين وهو الدين القويم والملة الحنيفية، ولم يتبع غير سبيلهم.

وقد أخرج الترمذي والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " لا يجمع الله هذه الأمة على الضلالة أبداً، ويد الله على الجماعة فمن شذَّ شذ في النار "، (١) وأخرجه الترمذي والبيهقي أيضاً عن ابن عباس مرفوعاً.


(١) الترمذي كتاب الفتن/٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>