(وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً) أي ساقتهم الملائكة سوق إعزاز وتشريف وتكريم، والمراد بذلك السوق إسراعهم إلى دار الكرامة والرضوان، كما يفعل بمن يكرم من الوافدين على بعض الملوك والمراد بالسوق المتقدم طردهم إلى العذاب بالهوان كما يفعل بالأسير إذا سيق إلى الحبس أو القتل، فشتان ما بين السوقين.
وهذا من بدائع أنواع البديع، وهو أن يأتي سبحانه وتعالى بكلمة في حق الكفار فتدل على هوانهم وعقابهم، ويأتى بتلك الكلمة بعينها وهيئتها في حق المؤمنين فتدل على إكرامهم بحسن ثوابهم، فسبحان من أنزله معجز المباني، متمكن المعاني، عذب الموارد والمثاني قيل الكلام على حذف مضاف، أي: سيقت مراكبهم إذ لا يذهب بهم إلا راكبين وقد سبق معنى الزمر أي جماعات أهل الصلاة على حدة، وأهل الصوم كذلك إلى غير ذلك.
(حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها) جواب إذا محذوف، قال المبرد: تقديره سعدوا وفتحت، وقال الزجاج: القول عندي أن الجواب محذوف على تقدير حتى إذا جاؤها كانت هذه الأشياء التي ذكرت دخلوها فالجواب دخلوها وحذف لأن في الكلام دليلاً عليه. وقال الأخفش والكوفيون: الجواب فتحت والواو زائدة وهو خطأ عند البصريين لأن الواو من حروف المعاني فلا تزاد.