(وكذبوا) رسول الله صلى الله عليه وسلم وما عاينوا من قدرة الله (واتبعوا أهواءهم) ما زينه لهم الشيطان الرجيم من دفع الحق بعد ظهوره ذكر هذين بصيغه الماضي، للإشعار بأنهما من عادتهم القديمة، مع أن الظاهر المضارع لكونهما معطوفين على يعرضوا (وكل أمر مستقر) مستأنفة لتقرير بطلان ما قالوه من التكذيب واتباع الهوى ولإقناطهم مما علقوا به أمانيهم الفارغة من عدم استقرار أمره صلى الله عليه وسلم حيث قالوا سحر مستمر، ببيان ثباته ورسوخه أي وكل أمر من الأمور منتهي إلى غاية يستقر عليها لا محالة، فالخير يستقر بأهل الخير، والشر يستقر بأهل الشر.
قال الفراء: تقول يستقر قرار تكذيبهم وقرار قول المصدقين حتى يعرفوا حقيقته بالثواب والعقاب، وقيل: كل ما قدر فهو كائن لا محالة وقال الكلبي: المعنى لكل أمر حقيقة، ما كان منه في الدنيا فسيظهر، وما كان منه في الآخرة فسيعرف، وقيل: هو جواب قولهم: (سحر مستمر)، أي ليس أمره بذاهب كما زعمتم، بل أمر محمد صلى الله عليه وسلم سيظهر إلى غاية يتبين فيها أنه حق، وقيل: كل أمر من أمرهم، وأمره صلى الله عليه وسلم مستقر على حالة خذلان أو نصرة في الدنيا أو شقاوة أو سعادة في الآخرة، ذكره أبو السعود والظاهر هو الأول.
وإبهام المستقر عليه، للتنبيه على كمال ظهور الحال وعدم الحاجة إلى التصريح به. قرأ الجمهور مستقر بكسر القاف، وهو مرتفع على أنه خبر