(عم يتساءلون) أصله عن ما فأدغمت النون في الميم لأن الميم تشاركها في الغنة، كذا قال الزجاج، وحذفت الألف ليتميز الخبر عن الاستفهام، وكذلك فيم وبم، ونحو ذلك، والمعنى عن أي شيء يسأل بعضهم بعضاً.
قرأ الجمهور: عمَّ بحذف الألف لما ذكرنا، وقرىء بإثباتها، ولكنه قليل لا يجوز إلا للضرورة، وقرىء بهاء السكت عوضاً عن الألف، قال الزجاج: اللفظ لفظ الاستفهام والمعنى تفخيم القصة، كما تقول أي شيء تريد، إذا عظمت شأنه.
قال الشهاب: وهذا الاستفهام لا يمكن حمله على حقيقته لأن المطلوب به لا بد أن يكون مجهولاً عند الطالب، فلذا جعل مجازاً عن الفخامة، لأنه ورد على طريق مخاطبات العرب فالاستفهام بالنسبة إلى الناس.
وقال في النهر: هذا الاستفهام فيه تفخيم وتهويل وتقرير وتعجيب.
قال الواحدي قال المفسرون:" لما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسم وأخبرهم بتوحيد الله والبعث بعد الموت وتلا عليهم القرآن، جعلوا يتساءلون بينهم، يقولون ماذا جاء به محمد، وما الذي أتى به؟ فأنزل الله عم يتساءلون "(١) قال الفراء التساؤل هو أن يسأل بعضهم بعضاً كالتقابل، وقد
(١) روى ابن جرير الطبري سبب النزول هذا عن الحسن ٣٠/ ١ وأورده السيوطي في " الدر " ٦/ ٣٠٥ وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن الحسن.