(و) اذكر (إذ قال لقمان لابنه) قال السهيلي: واسم ابنه ثاران في قول ابن جرير، والقتيبي، وقال الكلبي: مشكم، وقال النقاش: أنعم وقيل: ماتان، قال القشيري: كان ابنه وامرأته كافرين فما زال يعظهما حتى أسلما ودل على هذا قوله: لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم، والتقدير آتينا لقمان الحكمة حين جعلناه شاكراً في نفسه، وحين جعلناه واعظاً لغيره.
(وهو يعظه) أي: والحال أنه يخاطبه بالموعظة التي ترغبه في التوحيد، وتصده عن الشرك، وذلك لأن أعلى مراتب الإنسان أن يكون كاملاً في نفسه مكملاً لغيره، وبدأ بالأقرب إليه وهو ابنه فقال:
(يا بني) تصغير إشفاق ومحبة (لا تشرك بالله) وهذا يدل على أنه كان كافراً كما تقدم. قال الخطيب، والخازن: فرجع إليه وأسلم. وقيل: كان مسلماً ونهاه أن يقع منه إشراك في المستقبل.
(إن الشرك لظلم عظيم) لأنه تسوية بين من لا نعمة إلا وهي منه، وبين من لا نعمة له أصلاً. وبدأ في وعظه بنهية عن الشرك، لأنه أهم من غيره وقد اختلف في هذه الجملة، فقيل: هي في كلام لقمان، فتكون تعليلاً لما قبلها، وقيل: هي من كلام الله، فتكون منقطعة عما قبلها، ويؤيد هذا ما ثبت في الحديث الصحيح، أنها لما نزلت:(ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) شق ذلك على الصحابة وقالوا: أينا لم يظلم نفسه؟ فأنزل الله إن الشرك لظلم عظيم، فطابت أنفسهم.