(أن لا تعبدوا إلا الله) قال الكسائي والفراء: التقدير أحكمت بأن، وقال الزجاج: أحكمت ثم فصلت لئلا تعبدوا، وقيل تعليل للفعلين قبله أي لأجل إن تتركوا عبادة غير الله وتعبدوا الله فأخذ الترك من لا النافية والإثبات من الاستثناء.
وقيل تقديره هي أن لا تعبدوا، وقيل أن مفسرة لما في التفصيل من معنى القول أي قال لا تعبدوا أو أمركم أن لا تعبدوا، وهذا أظهر الأقوال لأنه لا يحوج إلى إضمار، ولما ذكر شؤون الكتاب ذكر أن من جاء به مرسل من عند الله لتبليغ احكامه فقال (إنني لكم منه نذير وبشير) أي ينذرهم ويخوفهم من عذابه لمن عصاه ويبشرهم بالجنة والرضوان لمن أطاعه، والضمير في منه راجع إلى الله سبحانه أي كائن من جهة الله.
وهذا على ظاهره ليس بجيد لأن الصفة لا تتقدم على الموصوف فكيف تجعل صفة لنذير وكأنه يريد أنه صفة في الأصل لو تأخر، ولكن لما تقدم صار حالاً، صرح به أبو البقاء فصوابه كائناً من جهته، وقيل يعود على الكتاب أي نذير لكم من مخالفته وبشير منه لمن آمن وعمل صالحاً، وقدم الإنذار لأن التخويف أهم إذ يحصل به الانزجار، وقيل هو من كلام الله سبحانه كقوله (ويحذركم الله نفسه)