(إن الله يأمر) أي فيما نزله تبياناً لكل شيء وهدى وبشرى (بالعدل والإحسان) وإيثار صيغة الاستقبال فيه وفيما بعده لإفادة التجدد والاستمرار، وقد اختلف أهل العلم في تفسير العدل والإحسان، فقيل العدل شهادة أن لا إله إلا الله والإحسان أداء الفرائض. وقيل العدل الفرض والإحسان النافلة.
وقيل العدل استواء العلانية والسريرة والإحسان أن تكون السريرة أفضل من العلانية، وقيل العدل التوحيد والإحسان التفضل، وقيل العدل خلع الإنداد والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه.
وقيل العدل التوحيد والإحسان الإخلاص، وقيل العدل في الأفعال والإحسان في الأقوال فلا يفعل إلا ما هو عدل ولا يقول إلا ما هو حسن. وقيل غير ذلك مما لا حاجة إلى ذكره، والعدل هو المساواة في كل شيء من غير شطط ولا وكس.
ْوالأولى تفسير العدل بالمعنى اللغوي وهو التوسط بين طرفي الإفراط والتفريط فمعنى أمره سبحانه بالعدل أن تكون عبادة في الدين على حالة متوسطة ليست بمائلة إلى جانب الإفراط وهو الغلو المذموم في الدين ولا إلى جانب التفريط وهو الإخلال بشيء مما هو من أمر الدين اعتقاداً كالتوحيد المتوسط بين التعطيل والتشريك، والقول بالكسب المتوسط بين محض الجبر والقدر، وعملاً كالتعبد بأداء الواجبات المتوسط بين البطالة والترهب وخلقاً كالجود المتوسط بين البخل والتبذير.
وأما الإحسان فمعناه البغوي يرشد إلى أنه التفضل بما لم يجب كصدقة التطوع، ومن الإحسان فعل ما يثاب عليه العبد مما لم يوجبه الله عليه في العبادات وغيرها ولم يذكر متعلقات العدل والإحسان والبغي ليعم جميع ما يعدل فيه ويحسن به وإليه وينبغي فيه وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله