(ومن الليل فتهجد به) في (من) وجهان أحدهما: أنها متعلقة بتهجد أي تهجد بالقرآن بعض الليل. والثاني: أنها متعلقة بمحذوف أي قم بعد نومك نومة من الليل أو اسهر من الليل ذكرهما الخوفي ومن للتبعيض أي قم بعض الليل والضمير المجرور راجع إلى القرآن من حيث هو لا يقيد إضافته إلى الفجر ففي الكلام استخدام، وقيل التقدير بذلك الوقت والباء بمعنى في، قاله السمين ولو قال من بمعنى في لكان أوضح وما قيل من أنه منتصب على الإغراء والتقدير وعليك بعض الليل فبعيد جداً.
والتهجد مأخوذ من الهجود، وقال أبو عبيدة وابن الأعرابي: هو من الأضداد لأنه يقال هجد الرجل إذا نام وهجد إذا سهر؛ وقال الأزهري: الهجود في الأصل هو النوم بالليل ولكن التفعل فيه لأجل التجنب ومنه تأثم وتحرج أي تجنب الإثم والحرج فالمتهجد من تجنب الهجود فقام بالليل، وروي عنه أيضا المتهجد القائم إلى الصلاة من الليل هكذا حكى عنه الواحدي فقيد التهجد بالقيام من النوم وهكذا قال مجاهد وعلقمة والأسود فقالوا: التهجد بعد النوم، قال الليث: يقال تهجد إذا استيقظ للصلاة.
(نافلة لك) معناها في اللغة الزيادة على الأصل، فالمعنى إنها للنبي صلى الله عليه وسلم نافلة زائدة على الفرائض، والأمر بالتهجد وإن كان ظاهره الوجوب لكن التصريح بكونه نافلة قرينة صارفة للأمر.
وقيل المراد بالنافلة هنا إنها فريضة زائدة على الفرائض الخمس في حقه صلى الله عليه وسلم، ويدفع ذلك التصريح بلفظ النافلة، وقيل كانت صلاة الليل فريضة في حقه صلى الله عليه وسلم ثم نسخ الوجوب فصار قيام الليل تطوعاً وعلى هذا يحمل ما ورد في الحديث أنها عليه فريضة ولأمته تطوع.
قال الواحدي: إن صلاة الليل كانت زيادة للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة لرفع الدرجات لا للكفارات، لأنه قد غفر له من ذنبه ما تقدم وما تأخر،