(جعل الله الكعبة) جعل هنا بمعنى خلق، وقيل بمعنى صير وقيل بمعنى بين وحكم، وهذا ينبغي أن يحمل على تفسير المعنى لا تفسير اللغة إذ لم ينقل أهل العربية أنها تكون بمعنى بين ولا حكم، ولكن يلزم من الجعل البيان، والأول أولى، وسميت الكعبة كعبة لأنها مربعة والتكعيب التربيع، وأكثر بيوت العرب مدورة لا مربعة وقيل سميت كعبة لنتوئها وبروزها، وكل بارز كعب مستديراً كان أو غير مستدير ومنه كعب القدم وكعوب القنا وكعب ثدي المرأة.
(البيت الحرام) عطف بيان على جهة المدح لا على جهة التوضيح، قاله الزمخشري وقيل مفعول ثان لجعل، ولا وجه له، وقيل بدل وسمي بيتاً لأن له سقوفاً وجدراً، وهي حقيقة البيت وإن لم يكن به ساكن، وسمي حراماً لتحريم الله سبحانه إياه.
ومعنى كونه (قياماً للناس) أنه مدار لمعاشهم ودينهم أي يقومون فيه بما يصلح دينهم ودنياهم يأمن فيه خائفهم وينصر فيه ضعيفهم، وتربح فيه تجارتهم ويتعبد فيه متعبدهم، وقال ابن عباس: قياماً لدينهم ومعالم لحجهم،