(قال إنما أوتيته) أي المال (على علم عندي) قال قارون: هذه المقالة رداً على من نصحه بما تقدم. أي إنما أعطيت ما أعطيت من المال لأجل علمي. وليس تفضلاً. وهذا العلم الذي جعله سبباً لما ناله من الدنيا قيل هو علم التوراة وقيل علمه بوجوه المكاسب والزراعات، وأنواع التجارات، وقيل معرفة الكنوز والدفائن، وقيل علم الكيمياء، وقيل المعنى أن الله آتاني هذه الكنوز على علم منه باستحقاقي إياها لفضل علمه مني.
واختار هذا الزجاج، وأنكر ما عداه، ثم رد الله عليه قوله هذا فقال:
(أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعاً)؟ للمال ولو كان المال، أو القوة يدلان على فضيلة لما أهلكهم الله. وقيل القوة الآلات، والجمع الأعوان. وهذا الكلام خارج مخرج التقريع والتوبيخ لقارون، لأنه قد قرأ التوراة، وعلم علم القرون الأولى، وإهلاك الله سبحانه لهم، أو سمعه من حفاظ التواريخ قاله الكرخي.
(ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون) أي لا يسألون سؤال استعتاب كما في قوله: ولا هم يستعتبون، وما هم من المعتبين، وإنما يسألون سؤال تقريع وتوبيخ ويحاسبون ويشدد