(ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك) هذا شروع في بيان خيانة اليهود في المال بعد بيان خيانتهم في الدين، وقد تقدم تفسير القنطار، والدينار معروف، قالوا ولم يختلف وزنه أصلاً وهو أربعة وعشرون قيراطاً، كل قيراط ثلاث شعيرات معتدلات فالمجموع اثنتان وسبعون شعيرة.
ومعنى الآية أن أهل الكتاب فيهم الأمين الذي يؤدي أمانته، وإن كانت كثيرة (١)، وفيهم الخائن الذي لا يؤدي أمانته وإن كانت حقيرة، ومن كان أمينا في الكثير فهو في القليل أمين بالأولى، ومن كان خائناً في القليل فهو في الكثير خائن بالأولى، وقال عكرمة: المؤدي النصارى، والذي لا يؤدي اليهود (إلا ما دمت عليه قائماً) استثناء مفرع أي لا يؤده إليك في حال من الأحوال إلا ما دمت مطالباً له مضيقاً عليه متقاضياً لرده.
(ذلك) أي ترك الأداء المدلول عليه بقوله لا يؤده (بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل) الأميون هم العرب الذين ليسوا بأهل كتاب أي ليس علينا فيما أصبنا من مال العرب سبيل، قاله قتادة وعن السدى نحوه، أو ليس علينا في ظلمهم حرج لمخالفتهم لنا في ديننا، وادعوا، لعنهم الله، أن ذلك في
(١) هذا من إنصاف القرآن حيث يشهد بالخير لبعض الطوائف الأخرى.