(وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم) أي واذكر يا محمد تزيين الشيطان لهم أعمالهم بأن شجعهم وقواهم لما خافوا الخروج من أعدائهم بني بكر وهم قبيلة كنانة قريبة من قريش وبينها وبينهم الحروب الكثيرة، والتزيين التحسين، وقد روي أن الشيطان تمثل لهم يوم بدر في جند من الشياطين معه، قال ابن عباس: رأيته في صورة رجل من رجال بني مدلج سراقة بن مالك بن جعشم سيد تلك الناحية، وكانت قريش تخاف من بني بكر أن يأتوهم من ورائهم.
(وقال) لهم (لا غالب لكم اليوم من الناس) أي كنانة وغيرها (وإني جار) أي مجير ومعين وناصر (لكم) من كل عدو أو من بني كنانة، ومعنى الجار هنا الدافع عن صاحبه أنواع الضرر كما يدفع الجار عن الجار، وقيل المعنى أنه ألقى في روعهم هذه المقالة وخيل إليهم أنهم لا يغلبون ولا يطاقون.
(فلما تراءت) التقت (الفئتان) أي فئة المسلمين والمشركين ورأى الملائكة وكان يده في يد الحرث بن هشام (ونكص) أي رجع (على عقبيه) هارباً أي رجع القهقرى يمشي إلى ظهره، وقيل معنى نكص هاهنا بطل كيده وذهب ما خيله.
(وقال إني بريء منكم) أي من جواركم وحفظكم ونصركم والذب عنكم وتبرأ منهم لما رأى أمارات النصر مع المسلمين بإمداد الله لهم بالملائكة، ثم علل ذلك بقوله:(إني أرى ما لا ترون) من الملائكة ثم علل بعلة أخرى فقال (إني أخاف الله) قيل خاف أن يصاب بمكروه من الملائكة الذين حضروا