للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (١٢٩)

(ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء (١)) أخبر سبحانه بنفي استطاعتهم للعدل بين النساء على الوجه الذي لا ميل فيه البتّة لما جبلت عليه الطباع البشرية من ميل النفس إلى هذه دون هذه، وزيادة هذه في المحبة ونقصان هذه، وذلك بحكم الخلقة بحيث لا يملكون قلوبهم ولا يستطيعون توقيف أنفسهم على التسوية، ولهذا كان يقول الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم اللهم: هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك (٢)، رواه ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن المنذر عن عائشة وإسناده صحيح.

قال ابن مسعود: العدل بين النساء الجماع، وقال الحسن: الحب وكذا المحادثة والمجالسة والنظر إليهن والتمتّع (ولو حرصتم) يعني على العدل والتسوية بينهن في الحب وميل القلب.


(١) يظن بعض الناس أن هذه الآية تمنع تعدد الزوجات وفاته أن آخرها صريح في الإباحة حيث تقول (فلا تميلوا كل الميل) فهذا لا يقال لصاحب الزوجة الواحدة وتضم إلى هذا أن من الثابت أن بعض الصحابة كانوا يتزوجون أكثر من واحدة وقصة حفصة بنت عمر معروفة وهي أنها لما مات زوجها عرضها عمر على عثمان وعمر كان يعلم أن عثمان متزوج.
(٢) وكذلك يأخذ بعضهم على الإسلام أنه يبيح الزوجات ويظن أنه بذلك يدافع عن المرأة وأن التعدد ضار بها وقد قرأنا كلمة للأستاذ العقاد جاء فيها (والأمر الذي يغفل عنه الكثيرون أن إباحة تعدد الزوجات في الإسلام إنما هو في حقيقته رخصة للمرأة التي تريده باختيارها، وليس رخصة للرجل إذا أراد فمهما يكن من إرادة الرجل فهو لا يستطيع البناء بامرأة واحدة لا تختاره فضلاً عن الجمع بين امرأتين أو أربع على هواه وإذا كان قبول المرأة شرطاً واجباً لصحة كل زواج فالرخصة إذاً في مصلحة المرأة التي تختاره وترى من أحوالها في الأسرة أنها هي الرابحة في هذا الاختيار. ⦗٢٥٨⦘
ولقد عرفنا نحن كما عرف غيرنا أحوالاً غير نادرة كانت المرأة توازن فيها بين جميع الاعتبارات فتخرج من هذه الموازنة بتفضيل تعدد الزوجات على ما عداه).

<<  <  ج: ص:  >  >>