ثم بيَّن سبحانه أن بين من كان طالباً للدنيا فقط ومن كان طالباً للآخرة تفاوتاً وتبايناً بعيداً فقال:(أفمن كان على بيّنة) برهان يدل على الحق (من ربه) في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والإيمان بالله كغيره، ممن يريد الحياة الدنيا وزينتها، وقيل المراد به النبي صلى الله عليه وسلم، أي أفمن كان معه بيان من الله ومعجزة كالقرآن ومعه شاهد كجبريل، وقد بشرت به الكتب السابقة كمن كان يريد الحياة الدنيا وزينتها.
والضمير في (ويتلوه شاهد) راجع إلى البيّنة باعتبار تأويلها بالبرهان أي يؤيده ويشدّده ويقويه، والضمير في (منه) راجع إلى القرآن لأنه تقدم ذكره في قوله أم يقولون افتراه أو راجع إلى الله تعالى. والمعنى ويتلو البرهان الذي هو البيّنة شاهد يشهد بصحته من القرآن أو من الله سبحانه، والشاهد هو الإعجاز الكائن في القرآن أو المعجزات التي ظهرت لرسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) فإن ذلك من الشواهد التابعة للقرآن.
وقال الفراء: قال بعضهم: ويتلوه شاهد منه الإنجيل وإن كان قبله فهو يتلو القرآن في التصديق، والهاء في منه لله عز وجل. وقيل المراد بمن كان على بيّنة من ربه هم مؤمنو أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وإضرابه.
وعن علي بن أبي طالب قال: ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل: ما نزل فيك؟ قال: أما تقرأ سورة هود (أفمن كان على بيّنة من ربه ويتلوه شاهد منه) فرسول الله صلى الله عليه وسلم بيّنة