للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٣٣)

(إنّما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله) قد اختلف الناس في سبب نزول هذه الآية فذهب الجمهور إلى أنها نزلت في العرنيين (١) وقال مالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي: إنها نزلت فيمن خرج من المسلمين يقطع الطريق ويسعى في الأرض بالفساد قال ابن المنذر: قول مالك صحيح.

قال أبو ثور محتجاً لهذا القول إن قوله في هذه الآية: (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم) يدل على أنها نزلت في غير أهل الشرك لأنهم قد أجمعوا على أن أهل الشرك إذا وقعوا في أيدينا فأسلموا أن دماءهم تحرم، فدل ذلك على أن الآية نزلت في أهل الإسلام أهـ.

وهكذا يدل على هذا قوله تعالى: (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " الإسلام يهدم ما قبله " (٢)، أخرجه مسلم وغيره.

وحكى ابن جرير في تفسيره عن بعض أهل العلم أن هذه الآية أعني آية المحاربة نسخت فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في العرنيين، ووقف الأمر على هذه الحدود.

وروي عن محمد بن سيرين أنه قال: كان هذا قبل أن ينزل الحدود يعني


(١) هم أناس جاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأظهروا الإسلام ثم مرضوا من جو المدينة، فبعثهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في إبل خارج المدينة ليتداووا بألبانها وأبوالها، فقتلوا الراعي وساقوا الإبل، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبعث وراءهم فأحضرهم وعاقبهم بما هو معلوم.
(٢) مسلم ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>