(وما أنتم) الخطاب لبني آدم وهم من أهل الأرض وليس في وسعهم الهرب في السماء لكن المقصود امتناع الفوات على جميع الأحوال (بمعجزين) ربكم عن إدراككم (في الأرض) الفسيحة (ولا في السماء) التي هي أفسح منها، قال الفراء: ولا من في السماء بمعجزين الله فيها قال: وهو كما في قول حسان:
فمن يهجو رسول الله منكم ... ويمدحه وينصره سواء
أي: ومن يمدحه وينصره سواء، ومثله قوله تعالى:(وما منا إلا له مقام معلوم) أي إلا من له مقام معلوم، والمعنى أنه لا يعجزه سبحانه أهل الأرض في الأرض، ولا أهل السماء في السماء، إن عصوه. وقال قطرب: إن معنى الآية ولا في السماء لو كنتم فيها، كما تقول: لا يفوتني فلان هاهنا ولا بالبصرة، يعني ولا بالبصرة ولو صار إليها، وقال المبرد: المعنى ولا من في السماء، على أن من ليست موصولة بل نكرة، وفي السماء صفة لها فأقيمت مقام الموصوف ورده الأخفش ورجح ما قاله قطرب.
والمقصود بيان امتناع الفوات على جميع التقادير، ممكناً كان أو مستحيلاً وهذا إن حملت الأرض والسماء على المشهور من معناهما، ويجوز أن يراد بهما جهة السفل وجهة العلو، وقال هنا:(في الأرض ولا في السماء)، واقتصر في الشورى على الأرض لأن ما هنا خطاب لقوم فيهم النمرود الذي حاول الصعود إلى السماء، وقد حذفا معاً للاختصار في قوله في الزمر:(وما هم بمعجزين).
(وما لكم من دون الله) أي غيره (من ولي ولا نصير) من مزيدة للتأكيد، أي: ليس له ولي يواليه، ولا نصير ينصره، ويدفع عنه عذاب الله.