(يا أيها الذين آمنوا) لما افتتح السورة بالنهي عن اتخاذ الكفار أولياء، ختمها بمثل ذلك تأكيداً لعدم موالاتهم، وتنفيراً للمسلمين عنها، قاله أبو حيان وهذا على منوال رد العجز على الصدر من حيث المعنى (لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم) هم جميع طوائف الكفر، وقيل: اليهود خاصة وقيل: المنافقون خاصة، وقال الحسن: اليهود والنصارى، والأول أولى، لأن جميع طوائف الكفر تتصف بأن الله سبحانه غضب عليها، قال ابن عباس في الآية: كان عبد الله بن عمر وزيد بن الحرث يوادان رجلاً من اليهود فأنزل الله هذه الآية.
(قد يئسوا من الآخرة) يرد على هذا أنهم طامعون في ثواب الآخرة، لأنهم يعتقدون أنهم على حق وأن تمسكهم بشريعة موسى ينفعهم فلا يكونوا آيسين، ويمكن أن يقال: المراد باليأس الحرمان أي قد حرموا من ثواب الآخرة و (من) لابتداء الغاية أي أنهم لا يوقنون بالآخرة البتة بسبب كفرهم، قال ابن مسعود: أي لا يؤمنون بها ولا يرجونها (كما يئس الكفار من أصحاب القبور) أي كيأسهم من بعث موتاهم، لاعتقادهم عدم البعث.