(فأثرن به نقعاً) معطوف على الفعل الذي دل عليه اسم الفاعل إذ المعنى واللاتي غدرن فأثرن أو على إسم الفاعل نفسه لكونه في تأويل الفعل لوقوعه صلة للموصول فإن الألف واللام في الصفات أسماء موصولة، فالكلام في قوة واللاتي غدرن فأورين فأغرن فأثرن، والنقع الغبار الذي أثارته في وجه العدو عند الغزو.
وتخصيص إثارته بالصبح لأنه وقت الإغارة ولكونه لا يظهر أثر النقع في الليل الذي اتصل به الصبح. وقيل المعنى فأثرن بمكان عدوهن نقعاً يقال ثار النقع وأثرته أي هاج وهيجته.
قرأ الجمهور فأثرن بتخفيف الثاء وقريء بتشديدها أي فأظهرن غباراً، وقال أبو عبيدة النقع رفع الصوت، وعلى هذا رأيت قول أكثر أهل العلم، انتهى.
والمعروف عند جمهور أهل اللغة والمفسرين أن النقع الغبار، وهذا هو المناسب لمعنى الآية وليس لتفسير النقع بالصوت فيها كثير معنى، فإن قولك أغارت الخيل على بني فلان صبحاً فأثرن به صوتاً قليل الجدوى مغسول المعنى، بعيد من بلاغة القرآن المعجزة.
وقيل النقع شق الجيوب، وقال محمد بن كعب النقع ما بين مزدلفة إلى منى، وقيل أنه طريق الوادي، قال في الصحاح النقع الغبار والجمع انقاع والنقع محبس الماء وكذلك ما اجتمع في البئر منه. والنقع الأرض الحرة الطين يستنقع فيها الماء.
قال ابن عباس في الآية أثارت بحوافرها التراب وقال أيضاًً هي الخيل أثرن بحوافرها يقول بعدو الخيل والنقع الغبار. وعنه قال التراب وقال أيضاًً نقعاً غباراً وقال ابن مسعود إذا سرن يثرن التراب.