(أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار) الهمزة للإنكار والجملة مستأنفة مبينة لخيرية الرجال المذكورين على أهل مسجد الضرار، والفاء عاطفة على مقدر أي أبعد ما علم حالهم فمن أسس، والبنيان مصدر كالعمران وأريد به المبنى.
والمعنى أن من أسس بناء دينه على قاعدة قوية محكمة وهي تقوى الله ورضوانه خير ممن أسس دينه على ضد ذلك وهو الباطل والنفاق، قيل أنه استعارة مكنية شبهت التقوى والرضوان بما يعتمد عليه البناء تشبيهاً مضمراً في النفس، وأسس بنيانه تخييل فهو مستعمل في معناه الحقيقي أو مجاز فتأسيس البنيان بمعنى إحكام أمور دينية أو تمثيل لحال من أخلص لله وعمل الأعمال الصالحة بحال من بنى شيئاً محكماً مؤسساً يستوطنه ويتحصن فيه أو البنيان استعارة أصلية والتأسيس ترشيح والشفا الشفير، وشفا كل شيء حرفه وطرفه.
ومنه يقال أشفى على كذا إذا دنا منه وقرب أن يقع فيه، والجرف بضم الراء وسكونها قراءتان سبعيتان، وعلى كل فالجيم مضمومة وهو ما يتجرف بالسيول وهي الجوانب التي تنحفر بالماء وقيل المكان الذي أكل الماء تحته فهو إلى السقوط قريب، وقيل البئر التي لم تطو، وقيل هو الهوة، والاجتراف اقتلاع الشيء من أصله، والهار الساقط يقال هار البناء إذا سقط وأصله هائر كما قالوا شاك السلاح وشائك، كذا قال الزجاج: يقال هار يهور ويهار وهار يهير وتهور