(وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب) أي: من جنس ما يلهو به الصبيان ويلعبون به، وأما القرب، كالصلاة، والصوم والحج والاستغفار، والتسبيح فمن أمور الآخرة لظهور ثمرتها فيها. واللهو هو الاستمتاع بلذات الدنيا وقيل: هو الاشتغال بما لا يعنيه وما لا يهمه، واللعب هو العبث، وقيل: اللهو هو الإعراض عن الحق بالكلية، واللعب: الإقبال على الباطل، قاله الرازي. وفي هذا تصغير للدنيا وازدراء بها، ومعنى الآية أن سرعة زوال الدنيا عن أهلها، وتقلبهم فيها، وموتهم عنها، كما يلعب الصبيان ساعة ثم ينصرفون.
(وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ) أي الحياة الدائمة الخالدة التي لا موت فيها، قال أبو عبيدة، وابن قتيبة: إن الحيوان الحياة، قال الواحدي وهو قول جميع المفسرين، ذهبوا إلى أن معنى الحيوان هاهنا الحياة، وأنه مصدر، بمنزلة الحياة فيكون كالنزوان والغليان، وواو الحيوان مقلوبة عن ياء عند سيبويه وأتباعه، وقال أبدلت شذوذاً وكذا في حياة علماً (١) وقال أبو البقاء: لئلا يلتبس بالتثنية، وغير سيبويه، حمل ذلك على ظاهره، فالحياة عنده لامها واو، ولا دليل لسيبويه في حي، لأن الواو متى انكسر ما قبلها قلبت ياء نحو: عرى ورعى ورضى، والتقدير لهي دار الحيوان أو ذات الحيوان، أي: دار الحياة الباقية التي لا تزول، أو لا ينغصها موت ولا مرض ولا هم ولا غم، وقدر أبو البقاء أن حياة الدار وذلك ليتطابق المبتدأ والخبر والمبالغة أحسن: قال ابن عباس هي الحيوان؛ أي الباقية.
(١) فعل ماض مبني للمجهول والألف للإطلاق، ويبدو أنها شطرة من رجز. المطيعي.