(ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء) الاستفهام للتقرير كما قاله الخليل وسيبويه، قال الخليل: المعنى الم تعلم أنه أنزل من السماء مطراً فكان كذا وكذا، ذكر هنا ستة أشياء أولها إنزال الماء الناشئ منه اخضرار الأرض كما قال:(فتصبح الأرض مخضرة) قال الفراء: أي ذات خضرة كما تقول مبقلة ومسبعة، أي ذات بقل وسباع وهو عبارة عن استعجالها إثر نزول الماء بالنبات واستمرارها كذلك عادة. وصيغة الاستقبال لاستحضار صورة الاخضرار مع الإشعار بتجدد الإنزال واستمراره. وهذا المعنى لا يحصل إلا بالمستقبل، والرفع هنا متعين لأنه لو نصب لانعكس المعنى المقصود من الآية فينقلب إلى نفي الاخضرار، والمقصود إثباته.
قال ابن عطية: هذا لا يكون بعد الاخضرار في صباح ليلة المطر إلا بمكة وتهامة، والظاهر أن المراد بالاخضرار اخضرار الأرض في نفسها، لا باعتبار النبات فيها، كما في قوله:(فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت)، والمراد بقوله:(إن الله لطيف) أي يصل علمه إلى كل دقيق وجليل، وقيل لطيف بأرزاق عباده، وقيل باستخراج النبات.
(خبير) أي أنه ذو خبرة بتدبير عباده وما يصلح لهم، وقيل خبير بما
ينطوون عليه من القنوط عند تأخير المطر. وقيل خبير بحاجتهم وفاقتهم.