(ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم) الاستفهام هنا للتقرير، والرؤية المذكورة هي رؤية القلب لا رؤية البصر، والمعنى عند سيبويه تنبَّه إلى أمر الذين خرجوا، ولا تحتاج هذه الرؤية إلى مفعولين كذا قيل.
وحاصله أن الرؤية هنا التي بمعنى الإدراك مضمّنة معنى التنبيه. ويجوز أن تكون مضمنة معنى الانتهاء أي ألم ينته علمك إليهم، أو معنى الوصول أي الم يصل علمك إليهم، ويجوز أن تكون بمعنى الرؤية البصرية أي ألم تنظر إلى الذين خرجوا، وهم قوم من بني إسرائيل.
جعل الله سبحانه قصة هؤلاء لما كانت بمكان من الشيوع والشهرة يحمل كل أحد على الإقرار بها بمنزلة المعلومة لكل فرد أو المبصَرة لكل مبصر، لأن أهل الكتاب قد أخبروا بها ودوّنوها وأشهروا أمرها، والخطاب هنا لكل من يصلح له، والكلام جار مجرى المثل في مقام التعجب ادعاء لظهوره وجلائه بحيث يستوي في إدراكه الشاهد والغائب، قاله السعد التفتازاني وقيل الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة والعموم أولى.
(وهم ألوف) قيل ثلاثة آلاف أو أربعة وقيل عشرة آلاف، وقيل بضع وثلاثون ألفاً، وقيل أربعون ألفاً، وقيل سبعون ألفاً، وأصح الأقوال قول من