للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١)

(الحمد لله) بدأ سبحانه هذه السورة بالحمد لله للدلالة على أن الحمد كله له وإن لم يحمدوه، وفيه تعليم اللفظ والمعنى مع تعريض الإستغناء ولإقامة الحجة على الذين هم بربهم يعدلون، والحمد اللغوي الوصف بالجميل ذكره الزمخشري في الفائق، وزاد صاحب المطالع وغيره كونه على جهة التعظيم والتبجيل أي ظاهراً وباطناً.

وأما الحمد الاصطلاحي فهو فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعماً، قاله الكرخي، وقد تقدم في سورة الفاتحة ما يغني عن الإعادة له هنا.

وقال أهل المعاني لفظه خبر ومعناه الأمر أي احمدوا الله، وإنما جاء بهذا النمط لأنه أبلغ في البيان من حيث إنه جمع الأمرين.

ثم وصف نفسه بأنه هو (الذي خلق السموات والأرض) إخباراً عن قدرته الكاملة الموجبة لاستحقاقه لجميع المحامد، فإن من اخترع ذلك وأوجده هو الحقيق بإفراده بالثناء وتخصيصه بالحمد، والخلق يكون بمعنى الإختراع وبمعنى التقدير، وقد تقدم تحقيق ذلك، وجمع السموات لتعدد طباقها وإن بعضها فوق بعض، وقدمها على الأرض لشرفها لأنها متعبد الملائكة ولم يقع فيها معصية، ولتقدمها في الوجود، قاله القاضي لقوله تعالى: (والأرض بعد ذلك دحاها) فإنه صريح في أن بسط الأرض مؤخر عن تسوية السماء.

والأرض وإن كانت سبعة عند الجمهور فليس بعضها فوق بعض بل بعضها موال لبعض وإنما خصهما بالذكر لأنهما أعظم المخلوقات فيما يرى العباد، فالسماء بغير عمد يرونها وفيه العبر والمنافع، والأرض مسكن الخلق وفيها أيضاً ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>