(فالمدبرات أمراً) لأنه يبعد أن يجعل السبق سبباً للتدبير.
قال الرازي ويمكن الجواب عما قاله الواحدي بأنها لما أمرت سبحت فسبقت فدبرت ما أمرت بتدبيره، فتكون هذه أفعالاً يتصل بعضها ببعض، كقوله قام زيد فذهب فضرب عمراً.
ولما سبقوا في الطاعات وسارعوا إليها ظهرت أمانتهم ففوض إليهم التدبير.
ويجاب عنه بأن السبق لا يكون سبباً للتدبير كسببية السبح للسبق، والقيام للذهاب ومجرد الإتصال لا يوجب السببية والمسببية.
والأولى أن يقال العطف بالفاء في المدبرات طوبق به ما قبله من عطف السابقات بالفاء ولا يحتاج إلى نكتة كما احتاج إليها ما قبله لأن النكتة إنما تطلب لمخالفة اللاحق للسابق لا لمطابقته وموافقته.
(فالمدبرات أمراً) قال علي هي الملائكة تدبر أمر العباد من السنة إلى السنة. وعنه يدبرون ذكر الرحمن وأمره، وقال ابن عباس ملائكة يكونون مع ملك الموت يحضرون الموتى عند قبض أرواحهم فمنهم من يعرج بالروح، ومنهم من يؤمن على الدعاء، ومنهم من يستغفر للميت حتى يصلى عليه ويدلى في حفرته، قال القشيري أجمعوا على أن المراد هنا الملائكة.
وقال الماوردي فيه قولان:(أحدهما) الملائكة وهو قول الجمهور، والثاني إنها الكواكب السبع، حكاه خالد بن معدان عن معاذ بن جبل، وفي تدبيرها الأمر وجهان (أحدهما) تدبر طلوعها وأفولها (الثاني) تدبر ما قضاه الله فيها من الأحوال.