(ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن) أي: بالخصلة التي هي أحسن للثواب، وذلك على سبيار الدعاء لهم إلى الله عز وجل، والتنبيه لهم على حججه وبراهينه رجاء إجابتهم إلى الإسلام لا على طريق الإغلاظ والمخاشنة، وعن ابن عباس قال: بالتي هي أحسن، بلا إله إلا الله.
(إلا الذين ظلموا منهم) بأن أفرطوا في المجادلة، ولم يتأدبوا مع المسلمين فلا بأس بالإغلاظ عليهم، والتخشين في مجادلتهم، هكذا فسر الآية أكثر المفسرين بأن المراد بأهل الكتاب اليهود والنصارى، وقيل: معنى الآية لا تجادلوا من آمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم -. من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام، وسائر من آمن منهم إلا بالتي هي أحسن، يعني بالموافقة فيما حدثوكم به، من أخبار أهل الكتاب، ويكون المراد بالذين ظلموا على هذا هم الباقون على كفرهم.
قال مجاهد: هذه الآية محكمة فيجوز مجادلتهم بها، وقيل: هي منسوخة بآية القتال، وبذلك قال قتادة ومقاتل، قال النحاس وغيره: من قال هي منسوخة احتج بأن الآية مكية ولم يكن في ذلك الوقت قتال مفروض، ولا طلب جزية ولا غير ذلك. وقول مجاهد حسن، لأن أحكام الله عز وجل لا يقال فيها إنها منسوخة، إلا بخبر يقطع العذر أو حجة من معقول، واختار هذا