(لئن لم ينته المنافقون) عما هم عليه من النفاق (والذين في قلوبهم مرض) أي شك وريبة عما هم عليه من الاضطراب (والمرجفون في المدينة) عما يصدر منهم من الإرجاف بذكر الأخبار الكاذبة المتضمنة لتوهين جانب المسلمين وظهور المشركين عليهم.
قال القرطبي: أهل التفسير على أن الأوصاف الثلاثة لشىء واحد، والمعنى أن المنافقين قد جمعوا بين النفاق ومرض القلوب والإرجاف على المسلمين فهو على هذا من باب قوله:
إلى الملك القرم وابن الهما ... م وليث الكتيبة في المزدحم
والواو مقحمة. وقيل الموصوف متغاير ومتعدد، فكان من المنافقين قوم يرجفون وقوم يتبعون النساء للريبة، وقال عكرمة وشهر بن حوشب: الذين في قلوبهم مرض هم الزناة. من قوله:(فيطمع الذي في قلبه مرض)، والمرض هو الزنا والإرجاف في اللغة إشاعة الكذب والباطل، يقال: أرجف بكذا إذا أخبر به على غير حقيقته لكونه خبراً متزلزلاً غير ثابت من الرجفة، وهي الزلزلة، يقال: رجفت الأرض أي تحركت وتزلزلت ترجف رجفاً، والرجفان الاضطراب الشديد، وسمي البحر رجافاً لاضطرابه، والإرجاف واحد الأراجيف، وأرجفوا في الشيء خاضوا فيه، وذلك بأن هؤلاء المرجفين كانوا يخبرون عن سرايا المسلمين بأنهم هزموا، وتارة بأنهم قتلوا، وتارة بأنهم غلبوا، ونحو ذلك مما تنكسر له قلوب المسلمين من الأخبار فتوعدهم الله سبحانه بقوله:
(لنغرينك بهم) أي لنحرشنك ولنسلطنك عليهم فتستأصلهم بالقتل والتشريد بأمرنا لك بذلك، قال المبرد: قد أغراه الله بهم في قوله الآتي: