(ثم بعثنا من بعده) أي من بعد نوح عليه السلام (رسلاً إلى قومهم) لم يسم هنا من كان بعد نوح من الرسل، وقد كان بعده هود وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب (فجاؤوهم بالبينات) أي بالمعجزات الباهرات والدلالات الواضحات وبما أرسلهم الله به من الشرائع التي شرعها لقوم كل نبي (فما كانوا ليؤمنوا) أي فما أحدثوا الإيمان بل استمروا على الكفر وأصروا عليه.
والمعنى أنه ما صح ولا استقام لقوم من أولئك الأقوام الذين أرسل الله إليهم رسله أن يؤمنوا في وقت من الأوقات (بما كذبوا به من قبل) أي من قبل تكذيبهم الواقع منهم عند مجئ الرسل إليهم، والمعنى أن كل قوم من العالم لم يؤمنوا عند أن أرسل الله إليهم الرسول المبعوث إليهم على الخصوص بما كانوا مكذبين به من قبل مجيئه إليهم، لأنهم كانوا غير مؤمنين بل مكذبين بالدين، ولو كانوا مؤمنين لم يبعث إليهم رسولاً، وهذا مبني على أن الضمير في (كانوا) و (كذبوا) راجع إلى القوم المذكورين في قوله (إلى قومهم) وقيل ضمير كذبوا راجع إلى قوم نوح، أي فما كان قوم الرسل ليؤمنوا بما كذب به قوم نوح، وقيل المعنى بما كذبوا به من قبل أي في عالم الذر.
(كذلك) أي مثل ذلك الطبع العظيم المحكم (نطبع) بنون العظمة، وقرئ بالياء على أن الضمير لله (على قلوب المعتدين) أي المتجاوزين للحدود