(إن الساعة) أي التي هي وقت الحساب والعقاب (آتية) أي كائنة وحاصلة لا محالة فاعمل الخير من عبادة الله والصلاة، وهذا تعليل لما قبله من الأمر (أكاد) أي أريد، قاله الأخفش. وقيل صلة (أخفيها) قال الواحدي: قال أكثر المفسرين: أخفيها من نفسي، وهو قول سعيد بن جبير ومجاهد وقتادة. وقال المبرد وقطرب: هذا على عادة مخاطبة العرب، يقولون إذا بالغوا في كتمان الشيء: كتمته حتى من نفسي، أي لم أطلع عليه أحداً.
ومعنى الآية أن الله تعالى بالغ في اخفاء الساعة فذكره بأبلغ ما تعرفه العرب والمعنى في إخفائها التهويل والتخويف؛ وكذلك المعنى في إخفاء وقت الموت على الإنسان ليكون على حذر، تقديم الْوَجَل في كل وقت.
وقد روي عن سعيد بن جبير أنه قرأ أخفيها بفتح الهمزة، ومعناه أظهرها، قال النحاس: وأجود من هذا ما روي عنه أنه قرأها بضم الهمزة، قال الفراء: معناه على الفتح أكاد أظهرها من خفيت الشيء إذا أظهرته، أخفيه.
قال القرطبي: قال بعض اللغويين يجوز أن يكون أخفيها بضم الألف معناه أظهرها، لأنه يقال خفيت الشيء وأخفيته من حروف الأضداد يقع على الستر والإظهار، قال أبو عبيدة: خفيت وأخفيت بمعنى واحد، قال النحاس وهذا أحسن، وليس المعنى على أظهرها ولا سيما وأخفيها قراءة شاذة، فكيف ترد القراءة الصحيحة الشائعة، وقال ابن الأنباري: في الآية تفسير آخر، وهو أن الكلام ينقطع على (أكاد) وبعده مضمر، أي أكاد آتي بها، ووقع الابتداء بأخفيها إلى آخره، واختار هذا النحاس.
وقال أبو علي الفارسي: هو من باب السلب وليس من الأضداد، ومعنى أخفيها أزيل عنها خفاءها وهو سترها، ومن هذا قولهم اشكيته أي أزلت شكواه وعن الأخفش أن كاد زائدة للتأكيد، قال: ومثله إذا أخرج يده لم يكد يراها، قال والمعنى أقارب ذلك لأنك إذا قلت كاد زيد يقوم جاز أن