(يا أيها الذين آمنوا) في إعادة النداء فوائد، منها أن في ذلك بيان زيادة الشفقة على المسترشد كقول لقمان لابنه:(يا بني لا تشرك بالله)، لأن النداء تنبيه للمنادى، ليقبل على استماع الكلام، ويجعل باله منه، فإعادته تفيد تجدد ذلك، ومنها أن لا يتوهم أن المخاطب ثانياً غير المخاطب أولاً، ومنها أن يعلم أن كل واحد من الكلامين مقصود، وليس الثاني تأكيداً للأول.
(لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) يحتمل أن المراد حقيقة رفع الصوت، لأن ذلك يدل على قلة الإحتشام، وترك الاحترام، لأن خفض الصوت وعدم رفعه من لوازم التعظيم والتوقير، ويحتمل أن يكون المراد المنع من كثرة الكلام، ومزيد اللغط، والأول أولى، والمعنى: لا ترفعوا أصواتكم إلى حد يكون فوق ما يبلغه صوت النبي صلى الله عليه وسلم، قال المفسرون: المراد من الآية تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره، وأن لا ينادوه كما ينادي بعضهم بعضاً وهذا نهي عن قول، كما أن قوله:(لا تقدموا) نهي عن فعل.
عن أبي بكر الصديق قال:" لما أنزلت هذه الآية قلت: يا رسول الله، والله لا أكلمك إلا كأخي السرار " وفي سنده حصين بن عمر وهو ضعيف، ولكنه يؤيده.