(يا عبادي الذين آمنوا) أضافهم إليه بعد خطابه لهم تشريفاً وتكريماً، والموصول صفة موضحة أو مميزة (إن أرضي واسعة) قيل: نزلت في ضعفاء مسلمي أهل مكة، يقول الله: إن كنتم في ضيق في مكة من إظهار الإيمان، وفي مكايدة للكفار فأخرجوا منها لتتيسر لكم عبادتي وحدي، وتتسهل عليكم.
وقيل: نزلت في قوم تخلفوا عن الهجرة، وقالوا: نخشى إن هاجرنا من الجوع وضيق المعيشة، فأنزل الله هذه الآية ولم يعذر لهم بترك الخروج. قال الزجاج: أمروا بالهجرة من الموضع الذي لا تمكنهم فيه عبادة الله، وكذلك يجب على كل من كان في بلد يعمل فيها بالمعاصي ولا يمكنه تغيير ذلك أن يهاجر إلى حيث يتهيأ أن يعبد الله حق عبادته، وقال مطرف بن الشخير: المعنى أن رحمتي واسعة ورزقي لكم واسع، فابتغوه في الأرض. وقيل: البلاد والبقاع تتفاوت في ذلك تفاوتاً كثيراً، قال علي القارى رحمه الله: وأما اليوم فإنا بحمد الله لم نجد أعون على قهر النفس، وأجمع للقلب، وأحث على القناعة، وأطرد للشيطان، وأبعد من الفتن وأربط للأمر الديني، وأظهر له من مكة حرسها الله تعالى (١).
أقول: لولا ما فيها الآن من استطالة أهل البدع على أهل السنة وإيثار التنظيمات السلطانية على الأحكام الرحمانية، وظلم أهل المكس على الحجاج، وعدم الانتصاف من أهل الاعتساف، والحجر على العمل بالسنة، والتمسك بالحق، والله يفعل ما يشاء ويحكم على ما يريد.
(١) من أول (أقول) كلام المصنف الذي ينعي على الحجاز ما كان في عهده من فراهة الشر واستفحال أهل الحرابة وقطاع الطرق. المطيعي.