(ولقد أوحينا إلى موسى) هذا شروع في إنجاء بني إسرائيل وإهلاك عدوهم، وقد تقدم في البقرة والأعراف، وفي يونس، واللام في لقد هي الموطئة للقسم، وفي ذلك من التأكيد ما لا يخفى (أن أسر بعبادي) أي أسر بهم ليلاً من مصر إلى البحر، وقد تقدم هذا مستوفى.
(فاضرب) أي اجعل (لهم طريقاً) وأشرعه، وقيل طريقاً مفعول به على سبيل المجاز بأن يكون المعنى اضرب البحر لينفلق لهم فيصير طريقاً لهم فعلى هذا تصح نسبة الضرب إلى الطريق؛ والمراد بالطريق جنسه، فإن الطرق كانت اثنتي عشرة بعدد أسباط بني إسرائيل (في البحر يبساً) أي يابساً وصف به الفاعل مبالغة، وذلك أن الله تعالى أيبس لهم تلك الطريق، ومرت عليه الصَّبا فجففته حتى لم يكن فيها ماء ولا طين قاله محمد بن كعب ومجاهد، وقرئ بسكون الباء مخففاً من يَبْساً المحرك وهو مصدر أو جمع يابس كصحب وصاحب وصف به الواحد مبالغة.
(ولا تخاف دركاً) أي آمناً من أن يدرككم العدوّ من ورائكم، والدرك اللحاق بهم من فرعون وجنوده، وبه قال ابن عباس قرأ الجمهور لا تخاف وهي أرجح لعدم الجزم في قوله سبحانه:(ولا تخشى) أي من فرعون أو من البحر أن يغرقك