(قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) جملة مستأنفة كأنه قيل فماذا قال له الله، ولا زائدة للتوكيد بدليل قوله تعالى في سورة ص (ما منعك أن تسجد) قاله الكسائي والفراء والزجاج، وقيل: إن منع بمعنى قال والتقدير من قال لك أن لا تسجد قاله أحمد بن يحيى، حكاه الواحدي وحكاه أبو بكر عن الفراء وقيل منع بمعنى دعا أي ما دعاك إلا أن لا تسجد قاله القاضي حكاه الرازي.
وقيل في الكلام حذف والتقدير ما منعك من الطاعة وأحوجك إلا أن لا تسجد في وقت أن أمرتك قاله الطبري.
وقد استدل به على أن الأمر للفور. والبحث مقرر في علم الأصول؛ والاستفهام ما منعك للتقريع والتوبيخ وإلا فهو سبحانه عالم بذلك، وقال هنا ما منعك وفي سورة الحجر (قال يا إبليس مالك ألا تكون مع الساجدين) وقال في سورة ص (أن تسجد لما خلقت بيدي) واختلاف العبارات عند الحكاية يدل على أن اللعين قد أدرج في معصية واحدة ثلاث معاص مخالفة الأمر ومفارقة الجماعة والاستكبار مع تحقير آدم، وقد وبخ على كل واحدة منها لكن اقتصر عند الحكاية في كل موطن على ما ذكر فيه اكتفاء بما ذكر في موطن آخر، وقد تركت حكاية التوبيخ رأساً في سورة البقرة والإسراء والكهف وطه.
(قال) إبليس (أنا خير منه) إنما قال هذا ولم يقل منعني كذا لأن في هذه الجملة التي جاء بها مستأنفة ما يدل على المانع وهو اعتقاده أنه أفضل منه، والفاضل لا يفعل مثل ذلك للمفضول مع ما تفيده هذه الجملة من إنكار أن يؤمر مثله بالسجود لمثله.
ثم علل ما ادعاه من الخيرية بقوله (خلقتني من نار وخلقته من طين)