فالمعنى لا يأملون لقاء ما وعدنا على الطاعة من الثواب ومعلوم أن من لا يرجو الثواب لا يخاف العقاب.
(لولا) هَلاَّ (أنزل علينا الملائكة) فيخبروننا أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - صادق، أو هَلاّ أنزلوا علينا رسلاً يرسلهم الله (أو نرى ربنا)؟ عياناً فيخبرنا بأن محمداً - صلى الله عليه وسلم - رسول، ثم أجاب الله سبحانه عن شبهتهم هذه فقال:
(لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتواً كبيراً) أي أضمروا الاستكبار عن الحق والعناد في قلوبهم كما في قوله تعالى (إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه) والعتو مجاوزة الحد في الطغيان والبلوغ إلى أقصى غاياته قال ابن عباس: عتوا أي شدة الكفر، ووصفه بالكبر لكون التكلم بما تكلموا به من هذه المقالة الشنيعة في غاية الكبر والعظم، فإنهم لم يكتفوا بإرسال البشر حتى طلبوا إرسال الملائكة إليهم بل جاوزوا ذلك إلى التخيير بينه وبين مخاطبة الله سبحانه ورؤيته في الدنيا من دون أن يكون بينهم وبينه ترجمان، ولقد بلغ هؤلاء الرذالة بأنفسهم مبلغاً، هي أحقر وأقل وأرذل من أن تكون من أهله أو تعد من المستعدين له، وهكذا من جهل قدر نفسه ولم يقف عند حده ومن جهلت نفسه قدره رأى غيره منه ما لا يرى.