(أولئك) أي المتصفون بالأوصاف المتقدمة (هم المؤمنون) أي الكاملون الإيمان البالغون فيه إلى أعلى درجاته وأقصى غاياته (حقاً) أي حق ذلك حقاً أو ايماناً حقاً يعني يقيناً لا شك في إيمانهم وصدقاً لا ريب فيه، قال ابن عباس: برئوا من الكفر، وحقاً أي خالصاً وقيل التقدير حقاً لهم درجات، وهذا إنما يجوز على رأي ضعيف أعني تقديم المصدر المؤكد لمضمون جملة عليها.
وقد استدل بظاهر هذه الآية أبو حنيفة ومن قال بقوله أنه يجوز أن يقول أنا مؤمن حقاً ولا يجوز الاستثناء، وأجيب عنه بأن الاستثناء ليس على طريق الشك بل للتبرك كقوله: وأنا إن شاء الله بكم لاحقون مع العلم القطعي أنه لاحق بهم أو المراد صرف الاستثناء إلى الخاتمة، والنزاع عند التحقيق لفظي كما تقرر في موطنه، وإنما حكم سبحانه بكونهم مؤمنين حقاً في هذه الآية إذا أتوا بتلك الأوصاف الخمسة كما يفيده لفظة إنما لأنها للحصر.
(لهم درجات) يعني فضائل ورحمة، قاله سعيد بن جبير، وعن مجاهد قال: أعمال رفيعة، وقال الضحاك: أهل الجنة بعضهم فوق بعض، فيرى الذي هو فوق فضله على الذي هو أسفل منه، ولا يرى الأسفل فضل أحد عليه، ذكر ما أعد لمن كان جامعاً بين هذه الأوصاف من الكرامة فقال لهم منازل خير وكرامة وشرف في الجنة كائنة (عند ربهم) وفي كونها عنده سبحانه زيادة تشريف لهم وتكريم وتعظيم وتفخيم.
(ومغفرة) لذنوبهم، وعن ابن زيد قال: بترك الذنوب (ورزق كريم) دائم مستمر يكرمهم الله به من واسع فضله وفائض جوده، وعن ابن زيد قال: هو الأعمال الصالحة، وعن محمد بن كعب القرظي قال: إذا سمعتم الله يقول: (ورزق كريم) فهي الجنة.