(قالت يا ويلتا) مستأنفة كأنه قيل فماذا قالت وهي لم ترد الدعاء على نفسها بالويل، ولكنها كلمة تقع كثيراً على أفواه النساء إذا طرأ عليهن ما يعجبن منه، وأصل الويل الخزي، ثم شاع في كل أمر فظيع، والألف مبدلة من ياء الإضافة والاستفهام في قولها.
(أألد وأنا عجوز) للتعجب، أي كيف ألد وأنا شيخة قد طعنت في السن يقال عجزت تعجز مخففاً ومثقلاً عجزاً وتعجيزاً أي طعنت في السن، ويقال عجوز وعجوزة، وأما عجزت بكسر الجيم فمعناه عظمت عجيزتها (وهذا بعلي) أي زوجي إبراهيم (شيخاً) لا تحبل من مثله النساء ونصبه على الحال والعامل فيه معنى اسم الإشارة.
ومثل هذه الحال من غوامض العربية إذ لا تجوز إلا حيث يعرف الخبر، وقرئ بالرفع على أنه خبر محذوف أي هو شيخ أو خبر بعد خبر أو هو الخبر، وبعلي بدل؛ وجوَّز كونه عطف بيان، وكون شيخ تابعاً لبعلي أيضاً والبعل هو المستعلي على غيره، والزوج مستعل على المرأة قائم بأمرها فسمي بعلاً لذلك. قيل كان إبراهيم ابن مائة وعشرين سنة وهي بنت تسع وتسعين وقيل بنت تسعين وهذه المبشرة هي سارة امرأة إبراهيم، وقد كان ولد لإبراهيم من هاجر أمته إسماعيل فتمنت سارة أن يكون لها ابن وأيست منه لكبر سنها فبشرها الله به على لسان ملائكته، وكانت بين الولادة والبشارة سنة.
(إن هذا لشيء عجيب) أي ما ذكرته الملائكة من التبشير بحصول الولد مع كونها في هذه السن العالية التي لا يولد لمن كان في مثلها شيء يقضى منه العجب ولم تنكر قدرة الله.