(قالوا طائركم معكم) أي شؤمكم معكم من جهة أنفسكم لازم في أعناقكم، وليس هو من شؤمنا. قال الفراء: طائركم أي رزقكم وقدركم وعملكم، وبه قال قتادة، وقرأ الجمهور: طائركم اسم فاعل. أي ما طار لكم من الخير والشر، وقرأ الحسن: اطيركم أي تطيركم.
(أئن ذكرتم) قرىء بهمزة استفهام بعدها إن الشرطية على الخلاف بينهم في التسهيل والتخفيف وإدخال ألف بين الهمزتين وعدمه، وقرىء بهمزتين مفتوحتين وقرىء أين على صيغة الظرف.
واختلف سيبويه ويونس إذا اجتمع استفهام وشرط أيهما يجاب؟ فذهب سيبويه إلى أنه يجاب بالاستفهام، وذهب يونس إلى أنه يجاب بالشرط، وعلى القولين فالجواب هنا محذوف، أي أئن ذكرتم ووعظتم وخوفتم فتطيرتم لدلالة ما تقدم عليه وقرىء: أن ذكرتم بهمزة مفتوحة أي لأن ذكرتم، والقراآت كلها سبعية، ثم أضربوا عما يقتضيه الاستفهام والشرط من كون التذكير سبباً للشؤم أو مصححاً للتوعد فقالوا:
(بل أنتم قوم مسرفون) أي ليس الأمر كذلك، بل أنتم قوم عادتكم الإسراف في المعصية، فمن ثم أتاكم الشؤم من قبلكم. لا من قبل رسل الله وتذكيرهم، أو بل أنتم مسرفون في تطيركم، قاله قتادة. وقال يحيى بن سلام مسرفون في كفركم، وقال ابن بحر: السرف هنا الفساد، والإسراف في الأصل مجاوزة الحد في مخالفة الحق، أي متجاوزون الحد بشرككم، وهذا لا ينافي كون أهل أنطاكية أول المؤمنين برسل عيسى، فإن الملك وقومه آمنوا وهلاك قاتلي حبيب لا يستلزم هلاك أهل أنطاكية.