(وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) أي بمثل ما فعل بكم لا تجاوزوا ذلك.
قال ابن جرير: نزلت هذه الآية فيمن أصيب بظلامة أن لا ينال من ظالمه إذا تمكن إلا مثل ظلامته لا يتعداها إلى غيرها ونحوه في البيضاوي، وهذا صواب لأن الآية وإن قيل أن لها سبباً خاصاً كما سيأتي فالاعتبار بعموم اللفظ وعمومه يؤدي هذا المعنى الذي ذكره، وسمى سبحانه الفعل الأول الذي هو فعل البادئ بالشر عقوبة مع أن العقوبة ليست إلا فعل الثاني وهو المجازي، للمشاكلة وهي باب معروف وقع في كثير من الكتاب العزيز.
ثم حث سبحانه على العفو فقال (ولئن صبرتم) عن العاقبة بالمثل وعن الانتقام بتركه بالكلية (لهو) بضم الهاء وسكونها قراءتان سبعيتان أي فالصبر (خير للصابرين) من الانتصاف ووضع الصابرين موضع الضمير ثناء من الله عليهم بأنهم صابرون على الشدائد.
وقد ذهب الجمهور إلى أن هذه الآية محكمة لأنها واردة في الصبر عن المعاقبة والثناء على الصابرين على العموم، وفي تعليم حسن الأدب في كيفية استيفاء الحقوق والقصاص وترك التعدي وهو طلب الزيادة، وهذه الأشياء لا تكون منسوخة ولا تدلق لها بالنسخ، وقيل هي منسوخة بآيات القتال وبه قال ابن عباس والضحاك ولا وجه لذلك.
أخرج الترمذي وحسنه والنسائي وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي وغيرهم عن أبي بن كعب قال: لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون رجلاً ومن المهاجرين ستة منهم حمزة فمثلوا بهم فقالت الأنصار: