(ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً) هذه الجملة متضمّنة للترغيب في الهجرة والتنشيط إليها، وفيه دليل على أنّ الهجرة لا بد أن تكون بقصد صحيح، ونية خالصة غير مشوبة بشيء من أمور الدنيا، ومنه الحديث الصحيح " فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه (١) ".
وقد اختلف في معنى الآية فقال ابن عباس وجماعة من التابعين ومن بعدهم المراغم المتحوّل والمذهب من أرض إلى أرض، وقال مجاهد: المراغم المتزحزح عما يكره، وقال ابن زيد: المراغم المهاجر، وبه قال أبو عبيدة: قال النحاس: هذه الأقوال متفقة المعاني، فالمراغم المذهب والمتحوّل وهو الموضع الذي يراغم فيه وهو مشتق من الرغام وهو التراب، ورغم أنف فلان أي لصق بالتراب، وراغمت فلاناً أي هجرته وعاديته، ولم أبال أن رغم أنفه.
وهذا من الأمثال التي جرت في كلامهم بأسماء الأعضاء ولا يراد أعيانها بل وضعوها لمعان غير معاني الأسماء الظاهرة، ولاحظ لظاهر الأسماء من طريق الحقيقة، ومنه قولهم: كلامه تحت قدمي، وحاجته خلف ظهري، يريدون الإهمال وعدم الإحتفال.
وقيل إنما سمي المهاجر مراغماً لأن الرجل كان إذا أسلم عادى قومه