وهجرهم فسمي خروجه مراغماً، وسمي مسيره إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم هجرة، والحاصل في معنى الآية أن المهاجر يجد في الأرض مكاناً يسكن فيه على رغم أنف قومه الذين هاجرهم أي على ذلّهم وهوانهم.
(وسعة) أي في البلاد وقيل بالرزق وقال عطاء سعة أي رخاء، وقيل في إظهار الدين أو في تبدل الخوف بالأمن أو من الضلال إلى الهدى، ولا مانع من حمل السعة على ما هو أعم من ذلك.
(ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله) أي إلى حيث أمر الله ورسوله، قالوا كل هجرة في غرض ديني من طلب علم أو حج أو جهاد أو نحو ذلك فهي هجرة إلى الله ورسوله (ثمّ يدركه الموت) قبل أن يصل إلى مطلوبه وهو المكان الذي قصد الهجرة إليه أو الأمر الذي قصد الهجرة له.
(فقد وقع أجره على الله) أي ثبت ذلك عنده ثبوتاً لا يتخلف، يعني وجب أجر هجرته عليه بإيجابه على نفسه بحكم الوعد والتفضل والكرم، لا وجوب استحقاق، قيل ويدخل فيه من قصد فعل طاعة ثم عجز عن إتمامها كتب الله له ثواب تلك الطاعة كاملاً (وكان الله غفوراً رحيما) أي كثير المغفرة كثير الرحمة.
وقد استدل بهذه الآية على أن الهجرة واجبة على كل من كان بدار الشرك أو بدار يعمل فيها بمعاصي الله جهاراً إذا كان قادراً على الهجرة، ولم يكن من المستضعفين لما في هذه الآية الكريمة من العموم وإن كان السبب خاصاً كما تقدم، وظاهرها عدم الفرق بين مكان ومكان وزمان وزمان.
وقد ورد في الهجرة أحاديث، وورد ما يدل على أن لا هجرة بعد الفتح، وقد أوضح الشوكاني ما هو الحق في شرحه على المنتقى.