(فانقلبوا بنعمة من الله) أي فخرجوا إليهم فانقلبوا، والتنوين للتعظيم أي رجعوا متلبّسين بنعمة عظيمة وهي السلامة من عدوهم وعافية (وفضل) أي أجر تفضل الله به عليهم، وقيل ربح في التجارة، وقيل النعمة خاصة بمنافع الدنيا والفضل بمنافع الآخرة.
وقد تقدم تفسيرهما قريباً بما يناسب ذلك المقام لكون الكلام فيه مع الشهداء الذين صاروا في الدار الآخرة، والكلام هنا مع الأحياء.
وقوله (لم يمسسهم سوء) أي سالمين عنه لم يصبهم قتل ولا جرح ولا ما يخافونه، وقال ابن عباس: لم يؤذهم أحد (واتبعوا رضوان الله) فيما يأتون ويذرون وأطاعوا الله ورسوله، ومن ذلك خروجهم لهذه الغزوة.
وعن ابن عباس: النعمة أنهم سلموا، والفضل أن عيراً مرت وكان في أيام الموسم فاشتراها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فربح مالاً فقسمه بين أصحابه، وعن مجاهد قال الفضل: ما أصابوا من التجارة والأجر، وقال السدي أما النعمة فهي العافية وأما الفضل فالتجارة والسوء القتل.
(والله ذو فضل عظيم) لا يقادر قدره ولا يبلغ مداه، ومن تفضله عليهم تثبيتهم وخروجهم للقاء عدوهم وإرشادهم إلى أن يقولوا هذه المقالة التي هي جالبة لكل خير، ودافعة لكل لضر، وقيل تفضل عليهم بإلقاء الرعب في قلوب المشركين حتى رجعوا.