للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٧)

(إن الذين يشترون) أي يستبدلون كما تقدم تحقيقه غير مرة (بعهد الله) هو ما عاهدوه عليه من الإيمان بالنبي - صلى الله عليه وسلم - (وأيمانهم) هي التي كانوا يحلفون إنهم يؤمنون به وينصرونه (ثمناً قليلاً) أي شيئاً يسيراً من حطام الدنيا وذلك أن المشتري يأخذ شيئاً ويعطي شيئاً فكل واحد من المعطى والمأخوذ ثمن للآخر فهذا معنى الشراء.

قال عكرمة: نزلت في أحبار اليهود ورؤسائهم، وقيل الأقرب حمل الآية على الكل ويدخل فيه جميع ما أمر الله به وجميع العهود والمواثيق المأخوذة من جهة الرسل وما يلزم الرجل نفسه من عهد وميثاق، فكل ذلك يجب الوفاء به وهو الأولى.

(أولئك) الموصوفون بهذه الصفة (لا خلاق) نصيب (لهم في) نعيم (الآخرة ولا يكلمهم الله) بشيء أصلاً كما يفيده حذف المتعلق من التعميم أو لا يكلمهم الله بما يسرهم وقيل هو بمعنى الغضب (ولا ينظر إليهم يوم القيامة) نظر رحمة (ولا يزكيهم) يطهرهم من دنس الذنوب بالعذاب المنقطع ولا يثني عليهم بجميل، بل يسخط عليهم ويعذبهم بذنوبهم كما يفيده قوله (ولهم عذاب أليم) مؤلم.

أخرج البخاري ومسلم وأهل السنن عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرىء مسلم لقي الله وهو عليه غضبان " فقال الأشعث بن قيس في نزلت، وقد روى أن سبب نزول الآية أن رجلاً كان يحلف بالسوق لقد أعطى ما لم يعط بها أخرجه البخاري وغيره (١)، وقيل غير ذلك، وقد ورد في وعيد الأيمان الكاذبة أحاديث كثيرة في الصحاح والسنن لا نطول بذكرها.


(١) مسلم ١٣٨ - البخاري ١١٧٦، ١١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>