(يعرفون نعمة الله) التي عددها في هذه السورة ويعترفون بأنها من عند الله سبحانه (ثم ينكرونها) بما يقع عنهم من أفعالهم القبيحة من عبادة غير الله وبأقوالهم الباطلة حيث يقولون هي من الله ولكنها بشفاعة الأصنام وحيث يقولون أنهم ورثوا تلك النعم من آبائهم وأيضاً لكونهم لا يستعملون هذه النعم في مرضاة الرب سبحانه وفي وجوه الخير التي أمرهم الله بصرفها فيها، وقيل نعمة الله نبوة محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يعرفونه صلى الله عليه وسلم ثم ينكرون نبوته.
وقيل هي الإسلام وجيء بثم للدلالة على أن إنكارهم أمر مستبعد بعد حصول المعرفة لأن من عرف النعمة حقه أن يعترف لا أن ينكر (وأكثرهم الكافرون) بالله أو الجاحدون لنعم الله. وعبر هنا بالأكثر عن الكل لأنه قد يذكر الأكثر ويراد به الجميع وإليه أشار في التقرير أو أراد بالأكثر العقلاء دون الأطفال ونحوهم أو أراد كفر الجحود ولم يكن كفر كلهم كذلك بل كان كفر بعضهم كفر جهل وكفر بعضهم بسبب تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم مع اعترافهم بالله وعدم الجحد لربوبيته ومثل هذه الآية قوله تعالى (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً فانظر كيف كان عاقبة المفسدين).