للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) [النساء: ١٦٥]

(رسلاً مبشّرين) لأهل الطاعات بالجنة (ومنذرين) لأهل المعاصي بالعذاب (لئلا) اللام لام كي وتتعلق بمنذرين على المختار للبصريين، وبمبشرين عند الكوفيين، فإن المسألة من باب التنازع، والأول أولى، وله في القرآن نظائر، وقيل تتعلق بمحذوف أي أرسلناهم كيلاً:

(يكون للنّاس على الله حجّة) أي معذرة يعتذرون بها كما في قوله تعالى: (ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتَّبع آياتك) وسميت المعذرة حجة مع أنه لم يكن لأحد من العباد على الله حجة تنبيهاً على أن هذه المعذرة مقبولة لديه تفضّلاً منه ورحمة.

(بعد) إرسال (الرسل) وإنزال الكتب وفيه دليل على أنه لو لم يبعث الرسل لكان للناس عليه حجة في ترك التوحيد والطاعة، وعلى أن الله لا يعذب الخلق قبل بعثه الرسل كما قال تعالى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً) وفيه حجة لأهل السنة على أن معرفة الله لا تثبت إلا بالسمع (وكان الله عزيزاً) لا يغالبه مغالب (حكيماً) في أفعاله التي من جملتها إرسال الرسل.

أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه المدح من الله، من أجل ذلك مدح نفسه، ولا أحد أحب إليه العذر من الله من أجل ذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين، وفي لفظ مسلم ولا شخص أحب إليه العذر من الله، الحديث (١).


(١) مسلم ٢٧٥٠ والبخاري ٢٠٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>