للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦)

(وإذا سألك عبادي عني) يحتمل أن يكون السؤال عن القرب والبعد كما يدل عليه قوله (فإني قريب) ويحتمل أن يكون السؤال عن إجابة الدعاء كما يدل على ذلك قوله (أجيب دعوة الداع) ويحتمل أن السؤال عما هو أعم من ذلك، وهذا هو الظاهر مع قطع النظر عن السبب الذي أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طريق الصلت بن حكيم عن رجل من الأنصار عن أبيه عن جده قال جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه، فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت هذه الآية، وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن الحسن قال سأل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أين ربنا فأنزل الله هذه الآية. (١)

وأخرج ابن مردويه عن أنس أنه سأل أعرابي النبي - صلى الله عليه وسلم - أين ربنا فنزلت.

وعن ابن عباس قال: قال يهود المدينة يا محمد صلى الله عليه وسلم كيف يسمع ربنا دعاءنا وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء خمسمائة عام، وأن غلظ كل سماء مثل ذلك، فنزلت هذه الآية، وقيل أنهم سألوه في أي ساعة ندعو ربنا فنزلت، والقرب قيل بالإجابة وقيل بالعلم وقيل بالإنعام، وقال في الكشاف أنه تمثيل لحاله في سهولة إجابته لمن دعاه وسرعة إنجاحه حاجة من سأله بمن قرب مكانه، فإذا دعى أسرعت تلبيته، قيل والقرب استعارة تبعية تمثيلية وإلا فهو متعال عن القرب الحسي لتعاليه عن المكان ونظيره (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) قاله الكرخي.


(١) وقيل: عن مقاتل أن عمر رضي الله عنه واقع امرأته بعدما صلى العشاء فندم على ذلك وبكى، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك ورجع مغتماً -وكان ذلك قبل نزول الرخصة فنزلت هذه الآية- القرطبي ٢/ ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>