(لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) قد تقدم تفسير اللغو والخلاف فيه في سورة البقرة، عن سعيد بن جبير قال: هو الرجل يحلف على الحلال، وقال مجاهد: هما رجلان يتبايعان يقول أحدهما والله لا أبيعك، ويقول الآخر والله لا أشتريه بكذا، وعن النخعي قال: اللغو أن يصل كلامه بالحلف والله لتأكلن والله لتشربن ونحو هذا لا يريد به يميناً ولا يتعمد حلفاً فهو لغو اليمين ليس عليه كفارة.
قيل (في) بمعنى (من) قاله القرطبي، والإيمان جمع يمين، وفي الآية دليل على أن أيمان اللغو لا يؤاخذ الله الحالف بها ولا تجب فيها الكفارة، وقد ذهب الجمهور من الصحابة ومن بعدهم إلى أنها قول الرجل لا والله وبلى والله، في كلامه غير معتقد لليمين، وبه فسر الصحابة الآية، وهم أعرف بمعاني القرآن، قال الشافعي وذلك عند اللجاج والغضب والعجلة.
(ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان) أي بما تعمدتم وقصدتم به اليمين، قاله مجاهد، وقرئ عقدتم مخففاً ومشدداً، والتشديد إما للتكثير لأن المخاطب به جماعة أو بمعنى المجرد أو لتوكيد اليمين نحو والله الذي لا إله إلا هو، وقرئ عاقدتم وهو بمعنى المجرد أو على بابه، وهذا كله مبني على أن (ما) موصول اسمي وقيل مصدرية على القراءات الثلاث، وعليه جرى أبو السعود.
والعقد على ضربين حسي كعقد الحبل، وحكمي كعقد البيع واليمين