(وأنفقوا في سبيل الله) في هذه الآية الأمر بالإنفاق في سبيل الله وهو الجهاد بالمال، واللفظ يتناول غيره مما يصدق عليه أنه من سبيل الله، والإنفاق هو صرف المال في وجوه المصالح الدينية كالإنفاق في الحج والعمرة وصلة الرحم والصدقة وتجهيز الغزاة وعلى النفس والعيال وغير ذلك مما فيه قربة الله تعالى، لأن كل ذلك يصدق عليه أنه في سبيل الله، ولكن إطلاق هذا اللفظ ينصرف إلى الجهاد.
عن خزيم بن فانك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من أنفق نفقة في سبيل الله كتب الله له سبعمائة ضعف " أخرجه الترمذي والنسائي (١).
(ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) الباء زائدة ومثله (ألم يعلم بأن الله يرى) وقال المبرد: أي بأنفسكم تعبير بالبعض عن الكل كقوله (بما كسبت أيديكم) وقيل هذا مثل مضروب يقال فلان ألقى بيده في أمر كذا إذا استسلم لأن المستسلم في القتال يلقي سلاحه بيديه فكذلك فعل كل عاجز في أي فعل كان.
وقال قوم: التقدير ولا تلقوا أنفسكم بأيديكم، وعبر بالأيدي عن الأنفس، لأن بها البطش والحركة، والتهلكة مصدر من هلك يهلك هلاكاً، وهلكاً وتهلكة أي لا تأخذوا فيما يهلككم، قال اليزيدي: التهلكة من نوادر المصادر ليست مما يجري على القياس.
وللسلف في معنى الآية أقوال، قال حذيفة: نزلت في النفقة أي تركها في