(بلى قادرين على أن نسوي بنانه) بلى إيجاب لما بعد النفي المنسحب إليه الاستفهام والوقف على هذا اللفظ وقف حسن، ثم يبتدىء الكلام بقوله (قادرين) وانتصابه على الحال أي بلى نجمعها قادرين، فالحال من ضمير الفعل المقدر، وقيل المعنى بل نجمعها نقدر قادرين، قال الفراء أي نقدر ونقوي قادرين على أكثر من ذلك، وقال أيضاً إنه يصلح نصبه على التكرير أي بلى فليحسبنا قادرين، وقيل التقدير بلى كنا قادرين وهذا ليس بواضح.
وقرأ ابن أبي عبله وابن السميفع (بلى قادرون) على تقدير مبتدأ أي بلى نحن قادرون، ومعنى تسوية البنان نقدر على أن نجمع بعضها إلى بعض فنردها كما كانت مع لطافتها وصغرها فكيف بكبار الأعضاء، فنبه سبحانه بالبنان، وهي الأصابع على بقية الأعضاء وأن الاقتدار على بعثها وإرجاعها كما كانت أولى في القدرة من إرجاع الأصابع الصغيرة اللطيفة المشتملة على المفاصل والأظفار والعروق اللطاف والعظام الدقاق فهذا وجه تخصيصها بالذكر، وبهذا قال الزجاج وابن قتيبة.
وقال جمهور المفسرين إن معنى الآية أن نجعل أصابع يديه ورجليه شيئاًً واحداً كخف البعير وحافر الحمار صفحة واحدة لا شقوق فيها فلا يقدر على أن ينتفع بها في الأعمال اللطيفة كالكتابة والخياطة ونحوهما، ولكنا فرقنا أصابعه لينتفع بها، وقيل المعنى بل نقدر على أن نعيد الإنسان في هيئة البهائم فكيف في صورته التي كان عليها والأول أولى.
قال ابن عباس لو شاء لجعله خفاً أو حافراً، وبنان جمع أو اسم جمع لبنانة قولان. وفي المختار البنانة واحد البنان وهي أطراف الأصابع، ويقال بنان مخضب لأن كل جمع ليس بينه وبين واحده إلا الهاء فإنه يؤنث ويذكر.